فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن شاهين في السنة والديلمي من طريق أبان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التوحيد ثمن الجنة، و: {الحمد لله} ثمن كل نعمة، ويتقاسمون الجنة بأعمالهم».
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص من طريق ثابت عن أنس مرفوعًا: «التوحيد ثمن الجنة، والحمد وفاء شكر كل نعمة».
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس قال: إذا عطس أحدكم فقال: {الحمد لله} قال الملك: رب العالمين فإذا قال رب العالمين قال الملك يرحمك الله.
وأخرج البخاري في الأدب وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب النبوي عن علي بن أبي طالب قال: من قال عند كل عطسة سمعها: {الحمد لله رب العالمين} على كل حال ما كان. لم يجد وجع الضرس والأذن أبدًا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بادر العاطس بالحمد لم يضره شيء من داء البطن». وأخرج الحكيم الترمذي عن موسى بن طلحة قال: أوحى إلى سليمان: إن عطس عاطس من وراء سبعة أبحر فاذكرني.
وأخرج البيهقي عن علي قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية من أهله فقال: اللهم لك عليّ إن رددتهم سالمين أن أشكرك حقّ شكرك. فما لبثوا أن جاؤوا سالمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الحمد لله} على سابغ نعم الله فقلت يا رسول الله ألم تقل إن ردهم الله أن أشكره حق شكره فقال أو لم أفعل».
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر وابن مردويه والبيهقي من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جده قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا من الأنصار وقال: إن سلمهم الله وأغنمهم فإن لله علي في ذلك شكرًا. فلم يلبثوا أن غنموا وسلموا فقال بعض أصحابه: سمعناك تقول إن سلمهم الله وأغنمهم فإن لله عليّ في ذلك شكرًا قال: قد فعلت! قلت: اللهم شكرًا، ولك الفضل المن فضلًا».
وأخرج أبو نعيم في الحلية والبيهقي عن جعفر بن محمد قال: فقد أبي بغلته فقال: لئن ردها الله عليّ لأحمدنَّه بمحامد يرضاها، فما لبث أن أتى بها بسرجها ولجامها، فركبها فلما استوى عليها رفع رأسه إلى السماء فقال: {الحمد لله} لم يزد عليها فقيل له في ذلك.... فقال: وهل تركت شيئًا أو أبقيت شيئًا؟ جعلت الحمد كله لله عز وجل.
وأخرج البيهقي من طريق منصور عن ابراهيم قال: يقال إن: {الحمد لله} أكثر الكلام تضعيفًا.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي عن محمد بن حرب قال: قال سفيان الثوري: {الحمد لله} ذكر وشكر، وليس شيء يكون ذكرًا وشكرًا غيره.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن العبد إذا قال: سبحان الله فهي صلاة الخلائق، وإذا قال: {الحمد لله} فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد قط حتى يقولها؛ وإذا قال لا إله إلا الله فهي كلمة الإِخلاص التي لم يقبل الله من عبد قط عملًا حتى يقولها، وإذا قال: الله أكبر ملأ ما بين السماء والأرض، وإذا قال: لا حول ولا قوّة إلا بالله قال الله: أسلم واستسلم.
قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله: {رب العالمين} قال: الجن والإِنس.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {رب العالمين} قال: الجن والإِنس.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير، مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {رب العالمين} قال: إله الخلق كله. السموات كلهن ومن فيهن، والأرضون كلهن ومن فيهن ومن بينهن مما يعلم ومما لا يعلم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو يعلي في مسنده وابن عدي في الكامل وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإِيمان والخطيب في التاريخ بسند ضعيف عن جابر بن عبد الله قال: قل الجراد في سنة من سني عمر التي ولي فيها، فسأل عنه فلم يخبر بشيء، فاغتنم لذلك فأرسل راكبًا يضرب إلى كداء، وآخر إلى الشام، وآخر إلى العراق، يسأل هل رؤي من الجراد شيء أو لا؟ فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة من جراد، فألقاها بين يديه. فلما رآها كبر ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خلق الله ألف أمة. ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر، فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد، فإذا أهلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه».
وأخرج ابن جريج عن قتادة في قوله: {رب العالمين} قال: كل صنف عالم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن تتبع الجهري قال: العالمون ألف أمة.. فستمائة في البحر، وأربعمائة في البر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {رب العالمين} قال: الإِنس عالم، والجن عالم، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة، وللأرض أربع زوايا في كل زاوية ثلاثة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم لعبادته.
وأخرج الثعلبي من طريق شهر بن حوشب عن أبي كعب قال: العالمون الملائكة وهم ثمانون ثمانية عشر ألف ملك، منهم أربعمائة أو خمسمائة ملك بالمشرق، ومثلها بالمغرب، ومثلها بالكتف الثالث من الدنيا، ومثلها بالكتف الرابع من الدنيا، مع كل ملك من الأعوان ما لا يعلم عددهم إلا الله.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال: إن لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم. الدنيا منها عالم واحد.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} أخرج عبد بن حميد من طرق مطر الوراق عن قتادة في قول الله: {الحمد لله رب العالمين} قال: ما وصف من خلقه. وفي قوله: {الرحمن الرحيم} قال: مدح نفسه: {مالك يوم الدين} قال: يوم يدان بين الخلائق. أي هكذا فقولوا: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال: دلّ على نفسه: {اهدنا الصراط المستقيم} أي الصرط المستقيم: {صراط الذين أنعمت عليهم} أي طريق الأنبياء: {غير المغضوب عليهم} قال: اليهود: {ولا الضالين} قال: النصارى.
وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن ام سلمة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة: {بسم الله الرحمن الرحيم} فعدّها آية: {الحمد لله رب العالمين} آيتين: {الرحمن الرحيم} ثلاث آيات: {مالك يوم الدين} أربع آيات وقال: هكذا: {إياك نعبد وإياك نستعين} وجمع خمس أصابعه». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله تعالى: {الحمد للَّهِ}.
الحمدُ: الثناءُ على الجَمِيل سواء كانت نِعمةً مُبْتدأة إلّى أَحَدٍ أَمْ لاَ.
يُقال: حَمَدْتُ الرجلَ على ما أَنْعَمَ به، وحمدتُه على شَجَاعته، ويكون باللسانِ وَحْدَهُ، دون عمل الجَوَارح، إذ لا يُقالُ: حمدت زيدًا أيْ: عملت له بيدي عملًا حسنًا، بخلاف الشكر؛ فإنه لا يكونُ إلاّ على نعمةٍ مُبْتَدأةٍ إلى الغير.
يُقال: شَكَرْتُه على ما أعطاني، ولا يُقالُ: شكرتُه على شَجَاعَتِه، ويكون بالقلبِ، واللِّسانِ، والجَوَارح؛ قال الله تعالى: {اعملوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: 13] وقال الشاعرُ: الطويل:
أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلاثَةً ** يَدِي وَلِسانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَبَّبَا

فيكونُ بين الحَمْدِ والشُّكْرِ عُمُوم وخُصُوص من وجه.
وقيل: الحمدُ هو الشكر؛ بدليلِ قولِهم: الحمدُ لِلَّهِ شُكرًا.
وقيل: بينهما عُموم وخصوص مُطْلق.
والحمدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ.
وقيلَ: الحمدُ: الثناءُ عليه تعالى بأوصافِه، والشكرُ: الثناءُ عليهِ بِأَفْعاله فالحامدُ قِسْمَانِ: شاكِر ومُثْنٍ بالصفاتِ الجَمِيلة.
وقيل: الحمدُ مَقْلُوب من المَدْحِ، وليس بِسَدِيدٍ- وإِن كان منقولًا عن ثَعْلَب؛ لأنَّ المقلوبَ اقلُّ استِعمالًا من المقلوب منه، وهذان مُسْتَوِيانِ في الاستعمالِ، فليس ادعاءُ قلبِ أَحَدِهَما مِنَ الآخر أَوْلَى من العَكْسِ، فكانا مادّتين مُسْتَقِلَّتَيِن.
وأيضاَ فإنه يمتنعُ إطلاقُ المَدْحِ حيثُ يَجُوزُ إطلاقُ الحَمْدِ، فإنه يُقالُ: حمدتُ الله تعالى ولا يقال: مَدَحْتُه، ولو كانَ مَقْلُوبًا لما امتنع ذلك.
ولقائلٍ: أَنْ يقولَ: منع من ذلك مانِع، وهو عَدَمُ الإِذْنِ في ذلك.
وقال الرَّاغِبُ: {الحَمْدُ لله} الثناءُ بالفَضِيلَةِ، وهو أخصُّ من المدحِ، وأَعَمُّ من الشُّكْرِ، فإنَّ المدْحَ يقال فيما يكونُ من الإنسانِ باختيارِه، وما يكونُ منه بغَيْرِ اختيار، فقد يُمْدَح الإنسانِ بطولِ قَامَتِهِ، وصَبَاحةِ وجهه، كما يمدح ببذل ماله وشجاعته وعلمه، والحمدُ يكونُ في الثَّاني دُونَ الأوّلِ.
قال ابنُ الخَطِيبِ- رحمه الله تعالى-: الفَرْقُ بين الحَمْدِ والمَدْحِ من وجوه:
أحدها: أن المَدْحَ قد يحصلُ لِلحَيِّ، ولغيرِ الحَيِّ، أَلاَ تَرَى أَنَّ من رَأَى لُؤْلُؤَةً في غايةِ الحُسْنِ، فإنه يَمْدَحُها؟ فثبتَ أنَّ المدحَ أَعمُّ من الحمدِ.
الثَّاني: أن المدحَ قد يكونُ قَبْلَ الإِحْسَانِ، وقد يكونُ بعدَه، أما الحمدُ فإنه لا يكونُ إلاَّ بعد الإحسان.
الثالث: أنَّا المدحَ قَدْ يكونُ مَنْهِيًا عنه؛ قال عليه الصلاةُ والسلامُ: «احْثُوا التُّرَابَ في وُجُوهُ المَدَّاحينَ».
أما الحمدُ فإنه مأمور به مُطْلَقًا؛ قال- عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ لَمْ يَحْمَدِ النَّاسَ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ».
الرابعُ: أنَّ المدحَ عبارة عنِ القولِ الدَّالُّ على كونه مُخْتَصًا بنوع من أنواع الفَضَائل.
وأمّا الحمدُ فهو القولُ الدَّالُّ على كونه مختصَّا بِفَضيلة مُعَيَّنَةٍ، وهي فضيلةُ الإنعامِ والإحسان، فثبت أنَّ المدحَ أعمُّ من الحمدِ.
وأمَّا الفرقُ بين الحمدِ والشُّكرِ، فهو أنَّ الحمدَ يَعَمُّ إذا وَصَلَذلك الإنْعَامُ إليك أَوْ إلَى غَيْرِك، وأما الشُّكْرُ، فهو مُخْتَصّ بالإنعامِ الواصلِ إليك.
وقال الرَّاغِبُ- رحمه الله-: والشكرُ لا يُقالُ إلاَّ في مُقَابلة نعمة، فكلُّ شُكْرٍ حَمْد، وليس كُلُّ حمدٍ شُكْرًا، وكل حمد مَدْح، وليس كُلُّ مَدْحٍ حَمدًا.
ويقال: فُلان مَحْمُود إذَا حُمِد، ومُحَمَّد وُجِدَ مَحْمُودًا، ومحمد كثرت خصالُه المحمودَةُ.
وأحمدُ أَيْ: أَنَّهُ يَفُوقُ غَيْرَه في الحَمْدِ.
والألفُ: واللام في {الحَمْد} قِيل: للاستغراقِ.
وقيل: لتعريفِ الجِنْس، واختاره الزَّمَخْشَرِيُّ؛ وقال الشاعر: الطويل:
إلَى الْمَاجِدِ الْقَرْمِ الْجَوَادِ الْمُحَمَّدِ

وقيل: للعَهْدِ، ومنع الزمخشريُّ كونَها للاستغراقِ، ولم يُبَيِّنْ وجهةَ ذلك، ويشبه أن يُقالَ: إنَّ المطلوبَ من العبدِ إنشاء الحَمْدِ، لا الإخبار به، وحينئذٍ يَسْتَحيلُ كونها للاستغراقِ، إذْ لا يمكنُ العَبْد أن ينشئ جميعَ المَحَامِدِ منه ومن غيرِه، بخلاف كونها للجِنسِ.
والأصلُ في {الحَمْدِ} المصدريّة؛ فلذلك لا يُثَنَّى، ولا يُجْمَعُ.
وحكى ابنُ الأَعْرَابِيُّ جَمْعَهُ على أَفْعُل؛ وأنشد: الطويل:
وَأَبْيَضَ مَحْمُودِ الثَّنضاءِ خَصَصْتُهُ ** بأَفْضَلِ أَقْوَالِي وَأَفْضَلِ أَحْمُدِي

وقرأ الجُمْهُورُ: {الحَمْدُ للهِ} برفْعِ وكسرِ لاَمِ الجَرِّ، ورفعُهُ على الابتداءِ، والخبرُ الجارُّ والمجرورُ بعده يَتَعَلَّقُ بمحذوفٍ وهو الخَبَرُ في الحقيقة.
ثم ذلك المحذوفُ إن شئتَ قدَّرْتَهُ اسْمًا، وهو المُخْتارُ، وإن شِئْتَ قَدَّرْتَهُ فِعْلًا أَي: الحمدُ مُسْتَقِرّ لله، واسْتَقَرَّ لله.
والدليلُ على اختيارِ القَوْلِ الأَوَّلِ: أَنَّ ذَلك يَتَعَيَّنُ في بَعضِ الصورِ، فلا أَقَلُّ مِنْ ترجيحِه في غَيْرِها، وذلك أنّك إذا قُلْتَ: خَرجتُ فإِذَا في الدَّارِ زَيْد وأمَّا في الدَّارِ فَزَيْد يتعيّنُ في هاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أن يقدر بالاسم؛ لأنَّ إذا الفُجائية وأَمَّا الفُجائية وأَمَّا التَّفصِيليَّةُ لا يَلِيهِمَا إلاَّ المبتدأ.
وقد عُورِضَ هذا اللَّفظُ بأنه يَتَعيَّنُ تقدير الفِعْلِ في بعضِ الصُّورِ، وهو ما إِذا وَقَعَ الجَارُّ والمجرورُ صِلَةً لموصولٍ، نحو: الَّذي في الدارِ فليكن رَاجِحًا في غيره؟ والجوابُ: أَنَّ ما رجحنا به من باب المبتدإِ، أَو الخبر، وليس أَجْنَبِيَّا، فكان اعتباره أوْلَى، بخلاف وقوعه صِلةً، والأول غيرُ أَجْنَبِيٍّ.
ولابد مِنْ ذِكْرِ قاعدةٍ- ها هنا- لعُمُومِ فائدتها، وهي أَنَّ الجار والمجرور والظرف إذا وَقَعا صلةً أو صِفَةً، أو حالًا، أو خبرًا تَعلقا بمحذوفٍ، وذلك أن المحذوف لا يجوز ظهوره إذا كان كَوْنًا مُطلقًا: فأمّا قول الشاعر: الطويل: